للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال على أحواله كلها (١) وهذا كان حال نبينا صلى الله عليه وسلم الذي قال لمن تعجب من قيامه لدرجة تفطر قدماه، وقد غفر له من تقدم من ذنبه وما تأخر: «أفلا أكون عبدا شكور (٢)» والمؤمن حاله بين الشكر والصبر، قال صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له (٣)» لأن الله يختبر عباده دائما بالشكر ولصبر، وحياة الإنسان تمر بالأحداث التي تسبب الشكر والصبر، فالله يختبر عباده بالشدة أو الرخاء، والمؤمن الحقيقي هو الذي يحمد ربه في كل حال. لكن بعض الناس لا يصبرون على الضراء ولا يشكرون في الرخاء فقد يظن أن النعمة منه وليس من الله فلذلك لا يشكر الله على نعمه، والذي يؤمن بالله ويعرفه حق المعرفة إذا أصابته مصيبة أو نعمة يعرف أن هذا ليس إلا امتحانا، قال تعالى عن سليمان عليه السلام: {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (٤) يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ومما يظهر الأمر ما ابتلى الله به عباده في الدنيا من السراء والضراء. وقال سبحانه: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِي} (٥) {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِي} (٦)


(١) انظر روح المعاني الألوسي: ٢٢/ ١٢٠.
(٢) أخرجه البخاري: ١/ ٣٨٠.
(٣) أخرجه مسلم ج ٤ ص ٢٢٩٥.
(٤) سورة النمل الآية ٤٠
(٥) سورة الفجر الآية ١٥
(٦) سورة الفجر الآية ١٦