للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الله سبحانه: إنه ليس الأمر كذلك، ليس إذا ما ابتلاه فأكرمه ونعمه يكون ذلك إكراما، وليس إذا ما قدر عليه رزقه يكون ذلك إهانة، بل هو ابتلاء في الموضعين وهو الاختبار والامتحان فإن شكر الله على الرخاء وصبر على الشدة كان كل واحد من الحالين خيرا له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن (١)» وإن لم يشكر ولم يصبر كان كل واحد من الحالين شرا له (٢) ونعم الله على عباده لا تحصى لكثرتها كالحواس والصحة والمال والولد وغيرها، فلا يطاق شكرها، قال عز وجل: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣)، ومع ذلك فإن الله غفور رحيم بكم لما كان منكم من تقصير في الشكر إذا تبتم وأنبتم إلى طاعته واتباع مرضاته، رحيم بكم أن يعذبكم عليه بعد الإنابة إليه، والتوبة فلا تبدلوا نعمة الله بالكفر. (٤)

وشكر الله يكون بالقلب وذلك بنسبة النعم إلى الله وأما شكر اللسان فهو بالثناء عليه وحفظه من اللغو.


(١) أخرجه مسلم ج ٤ ص ٢٢٩٥.
(٢) قاعدة في المحبة ابن تيمية: ١/ ١٥٦، والفتاوى الكبرى ابن تيمية: ١/ ٢٦٢.
(٣) سورة النحل الآية ١٨
(٤) انظر: جامع البيان الطبري: ١٤/ ٩٣.