للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال قتادة: من يتق الله يكن معه ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام والهادي الذي لا يضل، بل كتب بعض السلف إلى أخ له: أما بعد فإن كان الله معك فمن تخاف، وإن كان عليك فمن ترجو، وهذه المعية الخاصة هي المذكورة في قوله تعالى لموسى وهارون: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (١)، وقول موسى: {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} (٢) فهذه المعية الخاصة تقتضي النصر والتأييد والحفظ والإعانة (٣) وهذا الحفظ يشمل عمل جميع الطاعات والأذكار بفعلها وترك جميع المحرمات فإذا فعل ذلك حفظ، يقول ابن رجب: فمن حفظ الله حفظه من كل أذى. قال بعض السلف: من اتقى الله حفظ نفسه، ومن ضيع تقواه فقد ضيع نفسه، والله غني عنه. ومن عجيب حفظ الله لمن حفظه أن يجعل الحيوانات المؤذية بالطباع حافظة له من الأذى كما جرى لسفينة مولى النبي صلى الله عليه وسلم حين كسر به المركب وخرج إلى جزيرة فرأى الأسد فجعل يمشي معه حتى دله على الطريق فلما أوقفه عليها جعل يهمهم كأنه يودعه ثم رجع عنه (٤) وعكس هذا أن من ضيع الله ضيعه


(١) سورة طه الآية ٤٦
(٢) سورة الشعراء الآية ٦٢
(٣) جامع العلوم والحكم ابن رجب: ١٨٨.
(٤) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٩/ ٣٦٦، والذهبي في السير: ٣/ ١٧٣.