للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواية (امرئ) وسبب تخصيص البغي وقطيعة الرحم بتعجيل العقوبة لصاحبهما ما نراه في قول شيخ الإسلام: (إن ما كان من الذنوب يتعدى ضرره فاعله عجلت لصاحبه العقوبة في الدنيا تشريعا وتقديرا، ولهذا قال: (ما من ذنب أحرى أن تعجل لصاحبه العقوبة من البغي وقطيعة الرحم) لأن تأخير عقوبته فساد لأهل الأرض بخلاف ما لا يتعدى ضرره فاعله، فإنه قد تؤخر عقوبته) (١) وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من ذنب) ما نافية ومن زائدة للاستغراق (أجدر) أي أحرى أن يعجل الله (صلة) أجدر على تقدير الباء أي بتعجيله سبحانه (لصاحبه) أي لمتركب الذنب (العقوبة) مفعول يعجل (مع ما يدخر) بتشديد الدال المهملة وكسر الخاء المعجمة أي مع ما يؤجل من العقوبة له أي لصاحب الذنب (من البغي) أي من بغي الباغي وهو الظلم أو الخروج على السلطان .. ومن تفضيلية (وقطيعة الرحم) أي ومن قطع صلة ذوي الأرحام (٢) فالمسلم العاقل يبتعد عن قطيعة الرحم ويترك الظلم لأن عقوبته عاجلة، فكيف إذا انضم إلى ذلك دعاء المظلوم عليه فيحل به العذاب، قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده (٣)»


(١) الصارم المسلول ابن تيمية: ٢/ ٤٥٦.
(٢) تحفة الأحوذي المباركفوري: ٧/ ١٨١.
(٣) أخرجه أبو داود في الصلاة، باب الدعاء بظهر الغيب ٢/ ٨٩، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في دعوة الوالدين ٤/ ٢٧٧، وابن ماجه في الدعاء، باب دعوة الوالد ودعوة المظلوم ٢/ ١٢٧٠، وأحمد في المسند ٢/ ٥١٧، وسنده صحيح من حديث أبي هريرة.