للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان كل آدمي حسودا لأن الفضل يقتضي الحسد بالطبع، فإذا نظر الإنسان إلى من فضل عليه في مال أو علم أو غيرهما لم تملكه نفسه عن أن يحسده، فإن بادر بكفها انكف، وإلا سقط في مهاوي الهلكة ولا يفقد شخص الإصابة بالحسد إلا إذا فقد الخير أجمع؛ ولذلك قال بعض الشعراء:

إن العرانين (١) تلقاها محسدة ... ولا ترى للئام الناس حسادا

(٢)

وقال أبو تمام

وذو النقص في الدنيا بذي الفضل مولع

(٣) وقال البحتري

لا تحسدوه فضل رتبته التي ... أعيت عليكم وافعلوا كفعاله

(٤) ونبه بهذا الحديث على أن سبب الحسد خبث النفس، وأنه داء جبلي مزمن قل من يسلم منه (٥) لكن المسلم إن وقع له الخاطر بالحسد فدفعه


(١) (عرانين) أي: رؤساء الناس لسان العرب ابن منظور: ١/ ٣٣٢.
(٢) الحماسة البصرية صدر الدين علي بن الحسن البصري: ١/ ١٤١، والبيت لعمر بن لجأ التيمي.
(٣) ديوان أبي تمام: ٥٨٣.
(٤) محاضرات الأدباء ١/ ٣١٧.
(٥) انظر فيض القدير المناوي: ٥/ ١٦.