وجاهد نفسه في دفعه فلا إثم عليه، بل لعله مأجور في مدافعة نفسه. فإن سعى في زوال نعمة المحسود فهو باغ وإن لم يسع ولم يظهره لمانع العجز، فإن كان بحيث لو أمكنه لفعل فهو مأزور، وإلا فلا وزر عليه؛ لأنه لا يستطيع دفع الخواطر النفسانية، فيكفيه في مجاهدتها ألا يعمل بها ولا يعزم على العمل بها، فإن كان بحيث لو ألقى الأمر إليه ورد إلى اختياره لسعى في إزالة النعمة فهو حسود حسدا مذموما، وإن كان تزعه التقوى عن إزالة ذلك فيعفى عنه ما يجده في نفسه من ارتياحه إلى زوال النعمة عن محسوده مهما كان كارها لذلك من نفسه بعقله ودينه، وفي الزواجر لابن حجر الهيتمي أن الحسد مراتب، وهي: الأولى: إما محبة زوال نعمة الغير وإن لم تنتقل إلى الحاسد، وهذا غاية الحسد.
الثانية: محبة انتقال النعمة إليه.
الثالثة: محبة انتقال مثلها إليه. وهذا الأخير هو المعفو عنه من الحسد