للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصان عن مثله حسن الحديث فضلا عن أحسنه، فإن القرآن نزل في نيف وعشرين سنة في أحكام مختلفة شرعت لأسباب مختلفة، وما كان كذلك لا يتأتى ربط بعضه ببعض ". (١) والذي يترجح هو جواز القول بالمناسبة، أما ما احتج به المانعون من كون القرآن نزل مفرقا على حسب الوقائع فلا ينفي وجود المناسبة بين آياته وسوره، فإن التنجيم حالة متوسطة بين الجمع الأول في اللوح المحفوظ والجمع الثاني الموافق له والحاصل بأيدي الصحابة بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، قال الزركشي: قال بعض مشايخنا المحققين (٢) قد وهم من قال لا يطلب للآي الكريمة مناسبة؛ لأنها على حسب الوقائع المتفرقة، وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلا وعلى حسب الحكمة ترتيبا، فالمصحف كالصحف الكريمة على وفق ما في الكتاب المكنون، مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف، وحافظ القرآن العظيم لو استفتي في أحكام متعددة أو ناظر فيها أو أملاها لذكر آية كل حكم على ما سئل، وإذا رجع إلى التلاوة لم يتل كما أفتى ولا كما نزل مفرقا، بل كما أنزل جملة إلى بيت العزة. (٣) وقال الدكتور محمد عبد الله دراز عن تنزيل الآيات والسور وعن جمعها: إنها إن كانت بعد تنزيلها قد جمعت عن تفريق، فلقد كانت في تنزيلها مفرقة عن جمع؛ كمثل بنيان كان قائما


(١) انظر: الإتقان ٢/ ١٠٨.
(٢) سماه السيوطي بالشيخ ولي الدين الملوي - انظر: الإتقان ٢/ ١٠٨.
(٣) النبأ العظيم: ١٥٤، ١٥٥.