على قواعده، فلما أريد نقله بصورته إلى غير مكانه قدرت أبعاده ورقمت لبناته، ثم فرق أنقاضا، فلم تلبث كل لبنة منه أن عرفت مكانها المرقوم، وإذا البنيان قد عاد مرصوصا يشد بعضه بعضا كهيئته أو ل مرة ".
ومع رجحان هذا القول - فإن البحث في المناسبة مزلة قدم ومظنة الخطأ، ولهذا أرى وجوب تقييد القول بها بشرطين أساسيين؛ أولهما: عدم التكلف في إظهار المناسبة، فإن بدت جلية واضحة يدعهما السياق والسباق وتشهد لها القرائن قلنا بها، وإلا وجب التوقف وتفويض الأمر إلى الله. والآخر: عدم القطع بأن هذه المناسبة المذكورة هي مراد الله تعالى من جعل هذه الآية بعد هذه الآية أو جعل هذه السورة بعد هذه السورة، بل نقول إن هذا هو ما أدانا إليه الاجتهاد والنظر وغلبة الظن، والله أعلم بأسرار كتابه.
وإذا تقرر هذا وحاولنا أن نلتمس المناسبة بين آيات الإفك وما قبلها، فإنه يمكن القول أن هذه الآيات ترتبط بما قبلها ارتباطا وثيقا؛ حيث ذكر قبلها قذف المحصنات وحكمه، ثم عقب بذكر نوع من أنواعه وهو قذف الرجل لزوجته، فناسب بعد ذلك أن تذكر حادثة الإفك تنفيرا وتمثيلا على خطورة أمر القذف وعظم الآثار المترتبة عليه في حق المقذوف وأهله والمجتمع ككل.