للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من رمى قبل فالحكم بكفره مطلقا غير ظاهر، والظاهر أنه يحكم بكفره إن كان مستبيحا أو قاصدا الطعن به عليه الصلاة والسلام، كابن أبي لعنة الله تعالى؛ فإن ذلك مما يقتضي إمعانه في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يحكم بكفره إن لم يكن كذلك، كحسان ومسطح وحمنة، فإن الظاهر أنهم لم يكونوا مستحلين ولا قاصدين الطعن بسيد المرسلين، وإنما قالوا ما قالوا تقليدا فوبخوا على ذلك توبيخا شديدا. (١)

٦. دل قوله تعالى {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} (٢) على أن درجة الإيمان التي حازها الإنسان ومنزلة الصلاح التي حلها المؤمن ولبسة العفاف التي يستتر بها المسلم لا يزيلها عنه الخبر المحتمل وإن شاع وانتشر إذا كان أصله فاسدا أو مجهولا. (٣)

٧. قال تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٤)، في هذه الآية دليل على أن كبائر الذنوب سوى الشرك لا تحبط العمل الصالح؛ لأن هجرة مسطح بن أثاثة من عمله الصالح


(١) روح المعاني ١٨/ ١٢٧، وانظر: تفسير ابن كثير ٣/ ٢٧٦، حديث الإفك ٣٣٩.
(٢) سورة النور الآية ١٢
(٣) انظر: تفسير القرطبي ١٢/ ١٣٥.
(٤) سورة النور الآية ٢٢