للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقذفه لعائشة من الكبائر، ولم يبطل هجرته، بل أثبتها الله له. (١)

٨. دلت الآيات على أن الإنسان يؤاخذ على عمل القلب إذا اطمأن إليه ورغب فيه وتمنى حصوله، فقد رتب عز وجل العذاب الدنيوي والأخروي على مجرد محبة شيوع الفاحشة، فقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (٢)، والمحبة عمل قلبي، ونظير هذا في الدلالة على هذا الحكم قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (٣)، فتوعد بالعذاب الأليم على مجرد الإرادة وهي عمل قلبي، ومثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه (٤)» فعلل الحكم بالحرص وهو عمل قلبي.

فإن قيل: أليس قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم (٥)»؟ وهذا صريح في العفو عن


(١) انظر: تفسير القرطبي ١٢/ ١٣٨، أضواء البيان ٦/ ١٦٢.
(٢) سورة النور الآية ١٩
(٣) سورة الحج الآية ٢٥
(٤) أخرجه البخاري ١/ ٢٠ ح ٣١، ومسلم ٤/ ٢٢١٤ ح ٢٨٨٨.
(٥) أخرجه البخاري ٥/ ٢٠٢٠ ح ٤٩٦٨، ومسلم ١/ ١١٦ ح ١٢٧.