للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن كان لا يليق بهم فأم المؤمنين أولى بالبراءة منه بطريق الأحرى، وقد قيل إنها نزلت في أبي أيوب الأنصاري وامرأته رضي الله عنهما حين قالت له: يا أبا أيوب، أما تسمع ما يقول الناس في عائشة رضي الله عنها؟ قال: نعم، وذلك الكذب، أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب؟ قالت: لا، والله ما كنت لأفعله! قال: فعائشة والله خير منك. (١) هذا الذي عليه أكثر المفسرين في تفسير الآية. وقال بعضهم: معنى " بأنفسهم " أي بأهل دينهم؛ لأن المؤمنين كنفس واحدة، وعلى هذا يكون المعنى: ظن المؤمنون والمؤمنات بإخوانهم خيرا - والمعنيان جائزان يحتملهما ظاهر اللفظ.

والثاني: دفع التهمة عنه باللسان، وهذا قدر زائد على الأمر الأول المقتصر على العمل القلبي، ودليله قوله تعالى: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} (٢) * {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (٣)، وبمقتضى ذلك يلزم سامع الإفك أن يذب عن عرض أخيه وأن ينكر على المتكلم، وأن يطالبه بالبينة.

والثالث: عدم التحدث بالأمر المذكور؛ لقوله تعالى:


(١) انظر: تفسير ابن كثير ٣/ ٢٧٣، تفسير القرطبي ١٢/ ١٣٥
(٢) سورة النور الآية ١٢
(٣) سورة النور الآية ١٣