للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البخاري عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسارى بدر: «لو كان المطعم بن عدي حيا، ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له (١)»

قال ابن بطال: هذا يدل على أن للإمام أن يمن على الأسارى بغير فداء خلافا لمن منع ذلك. (٢) وخير مثال لكرم النبي صلى الله عليه وسلم منه على ثمامة بن أثال كما رواه مسلم عن أبي هريرة، وفيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أطلقوا ثمامة (٣)» فانطلق واغتسل، وأسلم ... وذهب إلى مكة معتمرا، وقال لقريش: ولا، والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (٤)

قال القاضي: فيه دليل على صحة يقينه وعلو همته، وأنه لم يسلم على القسر، والقهر وإنما من اختياره وطيب نفسه (٥) وشبيه بهذا الإكرام ما حدث بعد فتح مكة، ومن ذلك منه على أهل مكة الذين آذوه بكل أنواع الأذى وكذلك آذوا أصحابه، ومع ذلك قال لهم: «من دخل داره فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن (٦)» ولا يذكر التاريخ أبدا أن أحدا أكرم مخالفيه وخصومه بهذا الإكرام، وزادهم بإعطائهم الأموال مع المؤلفة قلوبهم. ومن ذلك منه صلى الله عليه وسلم على هوازن، وتحلله من المسلمين.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء قد جاؤونا تائبين، وإني قد


(١) البخاري، ٦/ ٢٤٣ (ح٣١٣٩).
(٢) الفتح، ٦/ ٢٤٣.
(٣) صحيح البخاري المغازي (٤٣٧٢)، صحيح مسلم الجهاد والسير (١٧٦٤)، سنن أبي داود الجهاد (٢٦٧٩).
(٤) مسلم، ٦/ ٩٨، ٩٩ (١٧٦٤).
(٥) إكمال المعلم، ٦/ ٩٩.
(٦) صحيح مسلم، ٦/ ١٤٠ (١٧٨٠).