للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العرب، فقال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، فقد عصم مني ماله ونفسه، إلا بحقه، وحسابه على الله»، فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق (١)». لفظ مسلم.

فانظر كيف فهم صديق الأمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرد مجرد اللفظ بها من غير التزام لمعناها وأحكامها، فكان ذلك هو الصواب، واتفق عليه الصحابة، ولم يختلف فيه منهم اثنان، إلا ما كان من عمر حتى رجع إلى الحق، وكان فهم الصديق هو الموافق لنصوص القرآن والسنة.

وفي الصحيحين أيضا عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوه عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله (٢)» فهذا الحديث كآية براءة، بين فيه ما يقاتل عليه الناس ابتداء، فإذا فعلوه وجب الكف عنهم إلا


(١) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٢٨٥)، صحيح مسلم الإيمان (٢١)، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٠٦)، سنن النسائي تحريم الدم (٣٩٧٨)، سنن أبي داود الجهاد (٢٦٤٠)، مسند أحمد (٢/ ٥٢٩).
(٢) رواه البخاري: كتاب الإيمان، باب (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) ١/ ٩٥ رقم ٢٥، ومسلم ١/ ٢٩٣ رقم ٢٢.