للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو داود: إذا اغتسل الرجل بعد طلوع الفجر أجزأه من غسل الجمعة وإن أجنب) (١).

وأورد حديثين في قراءة صلاة المغرب أحدهما يدل على الإطالة وهو برقم ٨١٢ والآخر يدل على التخفيف وهو برقم ٨١٣ ثم ذهب إلى أن حديث التخفيف في القراءة نسخ حديث الإطالة فقال: (قال أبو داود: هذا يدل على أن ذاك منسوخ وهذا أصح) (٢).

وأورد عددا من الأحاديث الصحيحة عن عثمان -رضي الله عنه- في مسح الرأس فقال: (قال أبو داود: أحاديث عثمان -رضي الله عنه- الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة، فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا، وقالوا فيها: (ومسح رأسه) ولم يذكروا عددا كما ذكروا في غيره) (٣).

ففي هذا التعليق رأي أبي داود الفقهي في مسألة مسح الرأس في الوضوء وأنه مرة واحدة.

وفيه طريقة الاستنتاج وهي المقارنة بين المغسول والممسوح، فقد ذكروا العدد في غير المسح ولم يذكروه في المسح.

ومن هذه التعليقات تعليقات أصولية كما ترى في تعليقه على الحديث رقم ٧٢٠ فقد أورد أبو داود أحاديث متعارضة في قطع الصلاة، وذكر عقب ذلك الخطة التي ينبغي أن ننتهجها إزاء ذلك فقال: (قال أبو داود: إذا تنازع الخبران عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى ما عمل به أصحابه بعده) (٤) وفي التعليقات روايات عن بعض التابعين يعلل فيها حكما منقولا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

فقد جاء بحديث عبد الله بن سرجس وهو برقم ٢٩ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يبال في الجحر. قال (٥): قالوا لقتادة: ما يكره (٦) من البول في الجحر؟ قال: كان يقال: إنها مساكن الجن " (٧).

فنحن نرى أن أبا داود يورد كلام قتادة كتعليل للحكم، وقتادة يورده على صيغة لا تدل على الجزم: (كان يقال. . .).


(١) " السنن " ١/ ١٤٤.
(٢) " السنن " ١/ ٢٩٩.
(٣) " السنن " ١/ ٦١.
(٤) " السنن " ١/ ٢٦٨ وهذا شبيه بالأصل الذي يقولون إن الإمام مالكا يأخذ به وهو عمل أهل المدينة.
(٥) أي الراوي.
(٦) أي لم يكره كما في " عون المعبود " ١/ ١٢.
(٧) السنن " ١/ ٣٧.