للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشقة استثقال النفوس للتكاليف من موجبات الترخيص " واتباع الهوى ليس من المشقات التي يترخص بسببها، وإن الخلاف إنما هو رحمة من جهة أخرى، وإن الشريعة حمل على التوسط لا على مطلق التخفيف، وإلا لزم ارتفاع مطلق التكليف من حيث هو حرج ومخالف للهوى، ولا على مطلق التشديد، فليأخذ الموفق في هذا الموضوع حذره؛ فإنه مزلة قدم على وضوح الأمر فيه " (١) " كما إن الشريعة لم ترد بقصد مشاق العباد " (٢) وبعض الناس: " يقول: إن الاختلاف رحمة، وربما صرح صاحب هذا القول بالتشنيع على من لازم القول المشهور أو الموافق للدليل أو الراجح عند أهل النظر والذي عليه أكثر المسلمين، ويقول له: لقد حجرت واسعا، وملت بالناس إلى الحرج وما في الدين من حرج، وما أشبه ذلك، وهذا القول خطأ كله، وجهل بما وضعت له الشريعة " (٣) " ... ثم ذلك الخلاف قد يكون قولا ضعيفا فيتولد من ذلك القول الضعيف الذي أخطأ فيه بعض الجاهلين: تبديل الدين وطاعة الشيطان، ومعصية رب العالمين، فإذا انضافت الأقوال الباطلة إلى الظنون الكاذبة وأعانتها الأهواء الغالبة فلا تسأل عن تبديل الدين بعد ذلك والخروج عن جملة الشرائع بالكلية " (٤)؛ " لأن الحنيفية السمحة إنما


(١) الموافقات في أصول الشريعة ٤/ ٢٥٩ـ٢٦٠.
(٢) الموافقات في أصول الشريعة ٤/ ١٤٥.
(٣) الموافقات في أصول الشريعة ٤/ ١٤٢.
(٤) إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان ٢/ ١٤٦.