للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الاستنباط الذي ذكره الحافظ ظاهر، وهو أن خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - مع كل سرية تقاتل في سبيل الله مصلحة، ولكن عارضها مصلحة أهم، وهي أنه يوجد من المسلمين من لا تطيب نفوسهم بالتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يحملهم عليه، فترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الخروج في بعض السرايا مراعاة لهم وشفقة ورحمة بهم.

قال القاضي عياض: «قوله: لولا أن أشق على المؤمنين ما بقيت خلاف سرية، فيه رفقه - صلى الله عليه وسلم - بأمته ورأفته بهم، وأنه يترك من أعمال البر؛ لئلا يتكلفوه هم فيشق عليهم» (١)

وقال النووي: «قوله: «والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله (٢)»، فيه: ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من الشفقة على المسلمين والرأفة بهم، وأنه كان يترك بعض ما يختاره للرفق بالمسلمين، وأنه إذا تعارضت المصالح بدأ بأهمها» (٣)


(١) إكمال المعلم (٦/ ٢٩٦).
(٢) صحيح البخاري الجهاد والسير (٢٧٩٧)، سنن النسائي الجهاد (٣١٥٢)، موطأ مالك الجهاد (١٠١٢).
(٣) شرح النووي على مسلم (١٣/ ٢٢).