للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبابا غربيا فبلغت به أساس إبراهيم (١)»

ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة: «تقديم دفع المفسدة على جلب المصلحة»، فقال: «خشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يظنوا لأجل قرب عهدهم بالإسلام أنه غير بناءها لينفرد بالفخر عليهم في ذلك، فيستفاد منه ترك المصلحة لأمن الوقوع في المفسدة، وترك إنكار المنكر خشية الوقوع في أنكر منه» (٢)

وقال في موضع آخر: «وفيه تقديم الأهم فالأهم من دفع المفسدة وجلب المصلحة، وأنهما إذا تعارضا بدئ بدفع المفسدة، وأن المفسدة إذا أمن وقوعها عاد استحباب عمل المصلحة» (٣)

وما ذكره الحافظ – رحمه الله – ظاهر وهو أن نقض الكعبة وإعادة بنائها على قواعد إبراهيم مصلحة، ولكن عارضها مفسدة، وهي أن العرب لقرب عهدهم بالجاهلية، وصعوبة قبولهم لتغيير الكعبة عما كانت عليه فقد يحصل لهم فتنة، ويظنون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل هذا؛ ليتفرد بالفخر والمجد، فترك النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أولى، لأجل تأليف القلوب


(١) أخرجه البخاري ح (١٥٨٦)، ومسلم ح (١٣٣٣)، والترمذي ح (٨٧٥)، والنسائي ح (٢٩٠٠)، وابن ماجه ح (٢٩٥٥)، وأحمد (٦/ ١٠٢)، ح (٢٤٧٥٣)، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».
(٢) فتح الباري (١/ ٢٢٥).
(٣) فتح الباري (٣/ ٤٤٨).