للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الخوارج فبدعتهم «إنما هي من سوء فهمهم للقرآن، لم يقصدوا معارضته لكن فهموا منه ما لم يدل عليه، فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب، إذ كان المؤمن هو البر التقي؛ قالوا: فمن لم يكن برا تقيا فهو كافر، وهو مخلد في النار» (١)

وهكذا فقد أوجب نأي الفرق عن فهم نصوص الكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة أن يقعوا في صنوف من الأخطاء والضلالات؛ فتارة بإضفاء صفة الغموض والعسر على قضايا الاعتقاد حتى لم تعد سهلة الإدراك يسيرة الفهم، رغم أنها خطاب الله تعالى لسائر خلقه على اختلاف مداركهم وتفاوت قدراتهم، وتارة بتفسير حقيقة الإيمان بالتصديق القلبي المجرد من قول اللسان وعمل الأركان، مما مهد لطوائف كثيرة من المسلمين ترك العمل، والتفلت من الطاعات والواجبات.

وتارة بحمل الناس على مسالك الشدة والغلظة بالتكفير بالمعاصي، واستحلال الدماء المعصومة، إلى غير ذلك من صور الانحراف والضلال.

وإذا كان من الناس من يزعم أن التقيد بفهم السلف للنصوص من شأنه تعطيل العقل، أو البعد عن الواقع (٢) فإن في هذا غلوا في النظرة، ومجافاة للحقيقة.


(١) المرجع السابق (١٣/ ٣٠).
(٢) انظر: حسن حنفي، التراث والتجديد (ص١٨٢)، القاهرة، سنة ١٩٨٠م.