والاستتار. وأما ذم التشبه بالكلام والمشي فمختص بمن يتعمد ذلك. وأما من كان ذلك من أصل خلقته فإنما يؤمر بتكلف تركه والإدمان على ذلك بالتدرج. فإن لم يفعل وتمادى دخل في الذم ولا سيما إن بدا منه ما يدل على الرضا به. وأخذه واضح من لفظ "المتشبهين" أهـ.
وعلل بعض العلماء تحريم لبس الحرير على الرجال لما يورثه بملامسته للبدن من الأنوثة والتخنث وضد الشهامة والرجولة؛ فإن لبسه يكسب القلب صفة من صفات الإناث؛ ولهذا لا تجد من يلبسه في الأكثر إلا ويظهر على شمائله من التخنث والتأنث والرخاوة ما لا يخفى حتى ولو كان من أشهم الناس وأكبرهم فحولية ورجولة فلا بد أن ينقصه الحرير منها وإن لم يذهبها مرة. ولهذا كان أصح القولين أنه يحرم على الولي إلباسه الصبي لما ينشأ عليه من صفات أهل التأنث، فلبس الحرير يليق بالنساء، فإن من طبعهن اللين والنعومة والتحلي. قال الله سبحانه:{أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} ويروى: تمعددوا، واخشوشنوا. لأن الرجال من طبعهم الخشونة والشهامة والرجولية، وهذا الذي ينبغي ويليق به ويتناسب مع أخلاقه. وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن كثير من الإرفاه ويأمرنا أن نحتفي أحيانًا»(١) رواه أبو داود.
(١) سنن النسائي الزينة (٥٠٥٨)، سنن أبو داود الترجل (٤١٦٠)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٢).