أنفسهم بقولهم:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}. أي: لترفع حوائجنا إلى الله وتشفع لنا عنده وإلا فنحن نعلم أنها لا تخلق ولا ترزق ولا تملك من الأمر شيئًا أو اتخذوا هذه المعبودات من دون الله بشبهة أنها سوف تشفع لهم عند الله وتنقذهم من المهالك ومن العقوبة. فالمشركون تركوا ما أمر الله به من الإخلاص، وتجرؤوا على هذه الشركيات والخرافات، وقاسوا بعقولهم الفاسدة الرب على المخلوقين من الملوك الذين لا يتوصل إليهم إلا بالشفعاء والوجهاء وهذا القياس من أفسد الأقيسة؛ إذ هو يتضمن التسوية بين الخالق والمخلوق (١)، واستمر العرب على ذلك إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أمره الله بدعوتهم إلى إخلاص العبادة له والإيمان به وبرسوله وكتابه.
وأما قبل العرب فأصل حدوث الشرك كان في قوم نوح كما ذكر المفسرون والأئمة، ومنهم ابن جرير وابن كثير وغيرهم، كما سيأتي ذكر ذلك.
قال ابن كثير: "وقد أضلوا كثيرًا بين الأصنام التي اتخذوها أضلوا بها كثيرًا فإنه قد استمرت عبادتها في القرون إلى زماننا هذا