للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئًا، أي: فهؤلاء قد تركوا ما أمر الله به من الإخلاص، وتجرؤوا على أعظم المحرمات، وهو الشرك، وقاسوا الذي ليس كمثله شيء، الملك العظيم بالملوك، وزعموا بعقولهم الفاسدة ورأيهم السقيم، أن الملوك كما أنه لا يوصل إليهم إلا بوجهاء وشفعاء ووزراء يرفعون إليهم حوائج رعاياهم ويستعطفونهم عليهم، ويمدون لهم الأمر في ذلك؛ أن الله تعالى كذلك، وهذا القياس من أفسد الأقيسة، وهو يتضمن التسوية بين الخالق والمخلوق مع ثبوت الفرق العظيم عقلاً ونقلاً وفطرة، فإن الملوك إنما احتاجوا للوساطة بينهم وبين رعاياهم، لأنهم لا يعلمون أحوالهم فيحتاج من يعلمهم بأحوالهم، وربما لا يكون في قلوبهم رحمة لصاحب الحاجة، فيحتاج من يُعطّفهم عليه ويسترحمهم له، ويحتاجون إلى الشفعاء والوزراء، ويخافون منهم فيقضون حوائج من توسطوا لهم مراعاة لهم، ومداراة لخواطرهم وهم أيضًا فقراء، وقد يمنعون لما يخشون من الفقر، وأما الرب تعالى فهو الذي أحاط علمه بظواهر الأمور وبواطنها الذي لا يحتاج من يخبره بأحوال رعيته وعباده وهو تعالى أرحم الراحمين، وأجود الأجودين لا يحتاج إلى أحد من خلقه يجعله راحمًا لعباده، بل هو أرحم بهم من أنفسهم ووالديهم، وهو الذي يحثهم ويدعوهم إلى الأسباب التي ينالون بها رحمته، وهو يريد من مصالحهم ما لا