للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكة، {بِاللَّهِ} أي في إقرارهم بوجوده وخالقيته {إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} أي: بعبادتهم لغيره، وباتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا، وبقولهم باتخاذه تعالى ولدًا. سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا " (١)

ثم قال - رحمه الله -: " وبما ذكر يُعْلمُ أن لفظ الآية يتناول كل ما يصدق عليه مسمى الإيمان مع وجود مسمى الشرك، فأهل الشرك الأكبر ما يؤمن أكثرهم بأن الله هو الخالق إلا وهو مشرك به، بما يتخذه من الشفعاء، وما يعبده من الأصنام. وكذا أهل الشرك الأصغر من المسلمين، كالرياء مثلاً ما يؤمن أحدهم بالله إلا وهو مشرك به، بذلك الشرك الخفيّ. وعلى هذا، فالشرك يجامع الإيمان، فإن الموصوف بهما مما تقدم، مؤمن فيما آمن به، ومشرك فيما أشرك به، والتسمية في الشريعة لله عز وجل ولرسوله، فلهما أن يوقعا أي اسم شاءا على أي مسمى شاءا. فكما أن الإيمان في اللغة التصديق، ثم أوقعه الله عز وجل في الشريعة على جميع الطاعات، واجتناب المعاصي، إذا قُصد بكل ذلك، من عمل أو تركٍ، وجهُ الله تعالى، كذلك الشرك نُقِلَ عَنْ شِرْكِ شيء مع آخر مطلقًا، إلى الشرك في عبادته تعالى، وفي خصائص ربوبيته " (٢)


(١) تفسير القاسمي المسمى: محاسن التأويل (٩/ ٣٦٠٤ - ٣٦٠٨). ') ">
(٢) المرجع السابق، (٩/ ٣٦٠٨). ') ">