للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والراجح – والله أعلم – وجود الفرق بين اليأس والقنوط حال اجتماعهما في اللفظ كقوله تعالى: {لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}. قال ابن جرير [ت ٣١٠ هـ] في معنى الآية: " إن ناله ضر في نفسه من سقم، أو جهد في معيشته، أو احتباس من رزقه فيئوس قنوط، يقول: فإنه ذو يأس من روح الله وفرجه، قنوط من رحمته، ومن أن يكشف ذلك الشر النازل به عنه " (١) وكما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أن رجلا قال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالْإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» (٢) وقول ابن مسعود رضي الله عنه السابق: (أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ)، قال الشيخ ابن عثيمين [ت ١٤٢١ هـ]: " المراد باليأس هنا أن يستبعد رحمة الله ويستبعد حصول المطلوب، والمراد باليأس هنا أن يستبعد الإنسان زوال المكروه، وإنما قلنا ذلك؛ لئلا يحصل تكرار في كلام ابن مسعود ". فدل ذلك على الفرق بينهما حال اجتماعهما في اللفظ، وأما إذا افترقا في اللفظ فالظاهر – والله أعلم – أنهما بمعنى واحد.


(١) جامع البيان ٢٥/ ٢. ') ">
(٢) صحيح البخاري استتابة امرتدين والمعاندين وقتالهم (٦٩٢٠)، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٠٢١)، سنن النسائي تحريم الدم (٤٠١١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٠١)، سنن الدارمي الديات (٢٣٦٠).