للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأهل القنوط هم من إذا أصابهم خصب ورخاء وعافية في الأبدان والأموال فرحوا بذلك، وإن تصبهم شدة من جدب وقحط وبلاء في الأموال والأبدان بما قدمت أيديهم، وبما أسلفوا من سيئ الأعمال بينهم وبين الله، وركبوا من المعاصي إذا هم ييأسون من الفرج (١).

٣. القنوط حالة من الحالات التي تعتري الكفار ومن سلك مسلكهم الذين يريدون استمرار الخير لهم، وعدم انقطاعه عنهم فهم يطلبون الصحة والمال والسلطان والعزة والسعة في النعمة وأسباب المعيشة، وإن تغيّرت حالتهم من السعة إلى الضيق، ومن اليسر إلى العسر، ومن الغنى إلى الفقر أصابهم اليأس والقنوط، وهذه الحالة هي المذكورة في قوله تعالى: {لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}، ففي هذين الوصفين مبالغة من جهة البناء، ومن جهة التكرير، ومن جهة أن القنوط عبارة عن يأس مفرط يظهر أثره في الشخص فيتضاءل وينكسر، أي: مبالغ في قطع الرجاء من فضل الله وهذا وصف للجنس


(١) ينظر: جامع البيان ٢١/ ٤٤. ') ">