للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكونه إذا تاب لا يقبل الله توبته ويغفر ذنوبه، وإما بأن يقول: نفسه لا تطاوعه على التوبة، بل هو مغلوب معها، والشيطان قد استحوذ عليه فهو ييأس من توبة نفسه، وإن كان يعلم أنه إذا تاب غفر الله له، وهذا يعتري كثيرًا من الناس، والقنوط يحصل بهذا تارة وبهذا تارة، فالأول: كالراهب الذي أفتى قاتل تسعة وتسعين أن الله لا يغفر له فقتله وكمل به مائة ثم دل على عالم فأتاه فسأله فأفتاه بأن الله يقبل توبته والحديث في الصحيحين (١)، والثاني: كالذي يرى للتوبة شروطًا كثيرة، ويقال له: لها شروط كثيرة يتعذر عليه فعلها فييأس من أن يتوب " (٢) (٣)، وهذا المظهر من مظاهر القنوط من رحمة الله تعالى هو ما جاء في القرآن الكريم النهي عنه صريحًا في قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، والتحذير منه، ووصف أهله بالضلال في


(١) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب ٥٤، ح ٣٤٧٠، ومسلم في كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل ٤/ ٢١١٨.
(٢) مجموع الفتاوى ١٦/ ١٩ – ٢٠.
(٣) مجموع الفتاوى ١٦/ ١٩ – ٢٠. ') ">