قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله:" من بادر إلى الإقلاع من حين صدور الذنب، وأناب إلى الله، وندم عليه فإن الله يتوب عليه، بخلاف من استمر على ذنبه، وأصر على عيوبه، حتى صارت فيه صفات راسخة، فإنه يعسر عليه إيجاد التوبة التامة. والغالب أنه لا يوفق للتوبة، ولا ييسر لأسبابها، كالذي يعمل السوء على علم قائم ويقين، متهاونًا بنظر الله إليه، فإنه يسد على نفسه باب الرحمة. نعم قد يوفق الله عبده المصرّ على الذنوب على عمد ويقين للتوبة النافعة التي يمحو بها ما سلف من سيئاته، وما تقدم من جناياته، ولكن الرحمة والتوفيق للأول أقرب "(١) وينبغي أن يعلم أن التوبة المشروعة هي الرجوع إلى الله وإلى فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، وليست التوبة من فعل السيئات فقط كما يظن كثير من الجهال، لا يتصورون التوبة إلا عما يفعله العبد من القبائح كالفواحش والمظالم، بل التوبة من ترك الحسنات المأمور بها أهم من التوبة من فعل السيئات المنهي عنها؛ فأكثر الخلق يتركون كثيرًا مما أمرهم الله به من أقوال القلوب وأعمالها وأقوال البدن وأعماله وقد لا