للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك لتهويل الأمر حتى يذهب الذهن في تقديره كل مذهب فيكون أبلغ في البيان وأبعد في التهويل، ورب مسكوت عنه أبلغ من منطوق به، وتقديره: ولولا فضل الله ورحمته لنال الكاذب منهما عذاب عظيم (١) وفي ختم الآية بقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ}، إشارة إلى الحكمة من مشروعية اللعان، وهي أنه جعل مخرجًا وسترًا من المولى على عباده زلاتهم، ودرءًا من العذاب، وفرصة ليفسح أمامهم المجال للتوبة والإنابة، ولولا ذلك لوجب على الزوج حد القذف مع أن الظاهر صدقه، ولو اكتفي بشهادته لوجب عليها حد الزنى، فكان من الحكمة أن شرع هذا الحكم، فما أوسع رحمته وما أجل حكمته.

فتبين مما تقدم أن هذه الآيات دلت على أنه يجب على الزوج تطهير لسانه عن رمي زوجته بالزنى من غير بينة وعلى خطورة هذا الأمر وأنه سبب في نشر الرذيلة وإشاعة الفاحشة في وسط الجماعة المسلمة، وما التشديد في حضور الشهداء الأربعة وفي الأيمان الأربعة للزوجين وإقامة التلاعن والشهادة على نفسه باللعنة وهي طرد وإبعاد من رحمة الله، وعلى نفسها بالغضب وهو سخط وانتقام


(١) انظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٤/ ٣٣)، الكشاف (٣/ ٢١٧)، روائع البيان (١/ ٨٢). ') ">