للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه وسلم، ولأنَّ مقصودَ الصحابيِّ بيانُ الشرع، لا بيان اللغة والعادة، والشرعُ يُتَلَقَّى من الكتاب والسنة والإجماع والقياس. ولا يصحّ أن يريدَ بقوله ذاك أمْرَ الكتاب؛ لكون ما في الكتاب مشهورًا يعرفه الناس، ولا الإجماعَ؛ لأنَّ المتكلِّمَ بهذا من أهل الإجماع ويستحيل أنْ يأمر نفسَه، ولا القياسَ؛ إذْ لا أَمْرَ فيه، فتعيّن كونُ المراد أمْرَ الرسول صلى الله عليه وسلم وهكذا قولُ الصحابيِّ: ((من السنة كذا))، فالأصحُّ أنَّه مُسْنَدٌ مرفوعٌ؛ لأنَّ الظاهر أنَّه لا يريد به إلا سنَّةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وما يجب اتِّباعُهُ.

وقد روى البخاريُّ في ((صحيحه)) من حديث ابنِ شهابٍ عن سالمِ بنِ عبد الله بنِ عمرَ، عن أبيه في قصته مع الحَجَّاج حين قال له: «إن كنتَ تريد السنَّة فَهَجِّرْ بالصلاة يومَ عرفةَ. . . قال ابن شهاب: فقلتُ لسالمٍ: أفَعَلَ ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: وهل يتَّبِعُونَ إلا سنَّتَه» (١) فَنَقَلَ سالمٌ - وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة وأحد الحفَّاظ من التابعين- عن الصحابة أنهم إذا


(١) انظر: ((صحيح البخاري)) كتاب الحج، باب الجمع بين الصلاتين بعرفة:٣/ ٥١٣ مع فتح الباري، ((سنن البيهقي)): ٥/ ١١٤. قال ابن حجر في ((الفتح)): وللكشميهني (يبتغون في ذلك) من الابتغاء أي لا يطلبون في ذلك الفعل إلا سنة النبي صلى الله عليه وسلم. ونقلها السيوطي في ((تدريب الراوي)) بلفظ (وهل يعنون. .).