١ - مجمل الأدلة التي ذكروها للاسْتدلال على وجوب الفاتحة في الصلاة للمأموم في غير محل النزاع، فإنَّ المصلِّيَ إما أن يكون إماما أو منفردًا أو مأمومًا، فإن كان إمامًا أو منفردًا، فحكمه ما دلَّت عليه الأحاديث التي اسْتَدَلَّ بها ابن حَزْمٍ والشَّوْكَانِيُّ من أنه لا صلاة إلا بقِراءَةٍ.
أما إذا كان مأمومًا؛ فإن تلك الأدلة لا تدلُّ على وجوب القِرَاءَة عليه، ولا نسلِّم أنَّ المأموم تجب عليه القِراءَة، ولو وجبت القِرَاءَة عليه مطلقًا فإنَّ الإمام يتحملها عنه، وقد جاءت أحاديث تدل على ذلك وتخصص تلك العمومات:
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ كانَ لهُ إمامٌ فقِرَاءَةُ الإمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ»(١).
وقد رُوِي هذا الحديثُ من طُرُقٍ عديدة عن جابر - رضي الله
(١) أخرجه الإمام أحمد في ((المسند)): ٣/ ٣٣٩، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا برقم (٨٥٠): ١/ ٢٧٧، والطَّحَاوِيّ في ((شرح معاني الآثار)): ١/ ٢١٧، وأبو حنيفة في ((مسنده))، ص ٣٠٧، ومن طريقه أخرجه أبو يوسف القاضي في كتابه ((الآثار)) برقم (١١٣) ص ٢٣ - ٢٤، وأبو نعيم في ((الحلية)): ٧/ ٣٣٤، والدارقطني في ((السنن)): ١/ ٣٢٣ - ٣٢٦، وابن أبي شيبة في ((المصنف)): ١/ ٣٦٧ و٣٧٧.