للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت طبعته الأولى سنة ١٣٥٤ هـ - ١٩٣٥ م. وذكر في المقدمة أنه رجع إلى مخطوطات ومطبوعات ولكنه لم يذكر بالتفصيل ما هي هذه المخطوطات التي رجع إليها وأين مكان وجودها، ويبدو أنه بالغ في ذلك مبالغة ظاهرة، ويكاد يظن المرء أن الرجل لم يرجع إلا إلى مطبوعة اعتمدها وأدخل فيها شيئا من التعديلات التي أخذها عن مطبوعة أخرى؛ لأن الجهد الذي يبذله الإنسان لا بد أن يظهر له أثر ولا سيما بالنسبة لمن عانى أمور التحقيق وقد صدرت هذه الطبعة في أربعة أجزاء مرقمة الأحاديث واستعمل المحقق فيها علامات الترقيم.

ولكننا لا نجد في حواشيها إلا تعليقات يسيرة جدا وليس في هذه التعليقات تخريج للأحاديث النبوية؛ لأنه فيما يبدو لم يكلف نفسه في الطبعة الأولى عناء الرجوع إلى كتاب المنذري الذي أتيح له فيما بعد أن ينقل منه ثم صدرت الطبعة الثانية سنة ١٣٦٩ هـ - ١٩٥٠ م.

وفي هذه الطبعة أضاف إلى متن الكتاب إضافات كان يضعها بين معقوفتين ولم يذكر عنها شيئا في المقدمة كما أضاف إلى تعليقاته تخريجا للأحاديث وهو مأخوذ بحذافيره من كتاب المنذري ولم يذكر عنه شيئا في المقدمة، والحق أنني وقفت على كثير من سرقات الأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد وادعائه كلام غيره لنفسه وظلم العلماء الأقدمين وكتبت ما واجهته من ذلك في دراسة كنت أعددتها لكتاب شرح قطر الندى لابن هشام من نحو عشرين سنة سقت الأدلة الكثيرة، وما كنت أحب أن أذكر ذلك بعد أن توفي إلى رحمة الله غفر الله لنا وله، ولكن الشيء الذي راعني هو أن ينقل تعليقات الحافظ المنذري بكاملها وبحروفها دون أن يشير إلى ذلك في المقدمة.

ولو أنه فعل ذلك لأعطى لهذه التخريجات من القوة والرجحان والتوثيق شيئا كثيرا ذلك؛ لأن المنذري حافظ عظيم ومن المشتغلين بالسنة فعندما يكون تخريج الحديث منسوبا إليه فإن ذلك أدعى لأن يقبله القارئ ويتبناه عن قناعة لا تتوافر إلا للقلة من العلماء المحققين أمثال المنذري رحمه الله.

ويفيد في هذا المجال أن نقرر أن المنذري رحمه الله ذكر في مقدمة " مختصره " نهجا علميا دقيقا فقال: (وأذكر عقيب كل حديث من وافق أبا داود من الأئمة الخمسة على تخريجه بلفظه أو نحوه) (١). ولم يذكر الأستاذ المحقق مثل ذلك، فأوهم بإغفاله ذلك أن الحديث مخرج عند من ذكرهم المنذري ونقلهم عنه المحقق مخرج بلفظه وربما لا يكون كذلك أما الشروح التي ذكرها الأستاذ المحقق رحمه الله فعلى الرغم من أنها في غاية الإيجاز فإنها كذلك مأخوذة غالبا من شرح الخطابي بالحرف الواحد ولم ينسبها إليه، فأوهم أنها من عنده.


(١) " مختصر المنذري " ١/ ١٣.