للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إدراك مَنْ لَحِقَهُ مُنْحَنيا، وأمَّا مَنْ أدركه كذلك وقرأ الفاتحة فإنه لا ينحني للركوع إلا وقد رفع الإمامُ رأسه؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- قد حدَّ أقلَّ تسبيحات الركوع بالثلاث، وأمر الأئمةَ بالتَّخفيف، فلا يبقى للحديث فائدة. وقد وردتْ شواهدُ لهذا المفهوم وإن كانت ضُعِّفَتْ، كحديث «مَنْ أَدركَ الرُّكوعَ مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ يَومَ الجُمُعَةِ فَلْيُضِفْ إليها أُخْرَى» و «مَنْ لم يُصَلِّ الظُّهْرَ أربعًا»، والركوع اسم للانحناء، ويؤيِّده: حديث أبي بَكْرَةَ - وهو في البخاري - أنه دخل المسجدَ ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- راكع فركع، ثم دخل الصفَّ وأخبر النبي بذلك، قال الرَّافعيُّ: ووقعتْ معتدًّا بها. قال الحافظ ابن حَجَر: قاله تَفَقُّهًا. وفي تخريج ابن بَهْرَان مَعْزُوًّا إلى البخاريِّ عن أبي بَكْرةَ: أنَّه انتهى إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو راكعٌ فركعَ قبل أن يَصِلَ إلى الصفِّ، فذكر ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «زادكَ الله رِضًى ولا تَعُد» (١) وروايةُ أبي داود: أنَّه قال: «دخلتُ المسجد ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - راكعٌ فركعتُ دونَ الصفِّ، ثم مشيتُ إلى الصفِّ، فقال صلى الله عليه وسلم: مَنِ الذي رَكعَ ثمَّ مشَى إلى الصَّفِّ؟ قلت: أنا يا رسولَ الله. قال: زادكَ الله حِرْصًا ولا تَعُد» (٢) ولم يأمره بالإعادة. وأمَّا قوله: ((ولا تَعُدْ)) فهو بفتح التاء المثنَّاة الفوقيَّةِ وضمِّ المُهْمَلَةِ - نهيٌ عن العودِ إلى الدخولِ في الصلاة قبلَ الوصولِ إلى الصفِّ، وهو الذي


(١) صحيح البخاري الأذان (٧٨٣)، سنن النسائي الإمامة (٨٧١)، سنن أبو داود الصلاة (٦٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤٢).
(٢) صحيح البخاري الأذان (٧٨٣)، سنن النسائي الإمامة (٨٧١)، سنن أبو داود الصلاة (٦٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤٢).