للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسألت عن ذلك زيد بن ثابت فقال: (لا آمرك أن تأكل هذا ولا توكله) رواه مالك في الموطأ.

وأما المعنى فإنه إذا تعجل البعض وأسقط الباقي فقد باع الأجل بالقدر الذي أسقط وذلك عين الربا، كما لو باع الأجل بالقدر الذي يزيده إذا حل عليه الدين، فقال: زدني في الدين وأزيدك في المدة، فأي فرق بين أن تقول حط من الأجل وأحط من الدين، أو تقول: زد في الأجل وأزيد في الدين. . . قالوا: فنقص الأجل في مقابلة نقص العوض كزيادته في مقابلة زيادته، فكما أن هذا ربا فكذلك الآخر.

القول الثاني:

جواز الوضع والتعجل وهو رواية عن أحمد (١)، ونسب ابن رشد (٢) وابن القيم القول بجوازه إلى ابن عباس وزفر من الحنفية، والقول بالجواز هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال في الاختيارات (٣): (ويصح الصلح عن المؤجل ببعضه حالا، وهو رواية عن أحمد وحكي قولا للشافعي)، واختار هذا القول أيضا ابن القيم وقال (٤): (لأن هذا عكس الربا فإن الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابلة الأجل، وهذا يتضمن براءة ذمته من بعض العوض في مقابلة سقوط الأجل فسقط بعض العوض في مقابلة سقوط بعض الأجل فانتفع به كل واحد منهما، ولم يكن هنا ربا لا حقيقة ولا لغة ولا عرفا، فإن الربا الزيادة، وهي منتفية هاهنا، والذين حرموا ذلك قاسوه على الربا ولا يخفى الفرق الواضح بين قوله: (إما أن تربي وإما أن تقضي)، وبين قوله: (عجل لي وأهب لك مائة) فأين أحدهما من الآخر فلا نص في تحريم ذلك ولا إجماع ولا قياس صحيح. اهـ.

قال ابن رشد وقال (٥) ٥٥: وعمدة من أجازه ما روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج بني النضير جاء ناس منهم فقالوا: يا نبي الله إنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس


(١) المبدع ص٢٨٠ ج ٤.
(٢) بداية المجتهد ص١٤٢ ج ٢.
(٣) الاختيارات ص١٣٤.
(٤) الإعلام ص٣٧١ ج ٣ ط محيي الدين عبد الحميد.
(٥) الإعلام ص٣٧١ ج ٣ ط محيي الدين عبد الحميد.