للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ديون لم تحل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضعوا وتعجلوا.

القول الثالث:

يجوز ذلك في دين الكتابة ولا يجوز في غيره؛ لأن ذلك يتضمن تعجيل العتق المحبوب إلى الله، والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم، ولا ربا بين العبد وبين سيده، فالمكاتب وكسبه للسيد فكأنه أخذ بعض كسبه وترك بعضه (١).

والراجح:

هو القول الثاني وهو جواز ذلك مطلقا؛ لأنه ليس مع من منعه دليل صحيح، والأصل في المعاملات الصحة والجواز ما لم يدل دليل على التحريم، وقياسهم منع ذلك على منع زيادة الدين وتمديد أجله قياس مع الفارق؛ لأن منع الزيادة في مقابلة التمديد ملاحظ فيه منع إثقال كاهل المدين من غير استفادة تحصل له، بخلاف هذه المسألة فإن فيها تخفيفا عنه، فإن قيل: والمدين يحصل له في المسألة الأولى فائدة التمديد في الأجل.

فالجواب: أن التمديد في الأجل في هذه المسألة إن كان المدين معسرا فهو واجب على الدائن بدون مقابل، وإن كان المدين موسرا وجب عليه أداء الحق عند حلوله، ويبدي العلامة ابن القيم رأيا آخر في مسألة: (ضع وتعجل) فيقول (٢): (ولو ذهب ذاهب إلى التفصيل في المسألة وقال: لا يجوز في دين القرض إذا قلنا بلزوم تأجيله ويجوز في ثمن المبيع والأجرة وعوض الخلع والصداق لكان له وجه، فإنه في القرض يجب رد المثل، فإذا عجل له وأسقط باقيه خرج عن موجب العقد، وكان قد أقرضه مائة فوفاه تسعين بلا منفعة حصلت للمقرض، بل اختص المقترض بالمنفعة فهو كالمربي سواء في اختصاصه بالمنفعة دون الآخر. وأما في البيع والإجارة فإنهما يملكان فسخ العقد وجعل العوض حالا أنقص مما كان، وهذا هو حقيقة الوضع والتعجيل لكن تحيلا عليه، والعبرة في العقود


(١) إعلام الموقعين ص٣٧١ ج ٣.
(٢) إغاثة اللهفان ص١٤ ج ٢.