للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن القيم (١): فنهى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المقرض عن قبول هدية المقترض قبل الوفاء، فإن المقصود بالهدية أن يؤخر الاقتضاء وإن كان لم يشترط ذلك سدا لذريعة الربا.

ويفصل العلامة الشوكاني في ذلك فيقول: (٢) والحاصل أن الهدية والعارية ونحوها إذا كانت لأجل التنفيس في أجل الدين أو لأجل رشوة صاحب الدين أو لأجل أن يكون لصاحب الدين منفعة في مقابل دينه فذلك محرم لأنه نوع من الربا أو رشوة، وإن كان ذلك لأجل عادة جارية بين المقرض والمستقرض قبل التداين فلا بأس، وإن لم يكن ذلك لغرض أصلا فالظاهر المنع لإطلاق النهي عن ذلك. اهـ.

وهذا التفصيل يشهد له ما جاء في الحديث السابق من قوله صلى الله عليه وسلم: إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك.

والحاصل أن النفع المبذول من المقترض للمقرض فيه التفصيل التالي:

١ - إن كان ذلك باشتراط فهو حرام مطلقا قبل الوفاء وبعده.

٢ - إن كان بغير اشتراط جاز بعد الوفاء ولم يجز قبله إلا أن يكون الباعث عليه عادة جارية بينهما لا من أجل القرض، والله أعلم.

ويتعلق بمبحث ربا القرض مسألتان نص عليهما الفقهاء رحمهم الله:

١ - المسألة الأولى:

إذا أقرضه مبلغا ثم اشترى المقترض من المقرض شيئا واشترط الخيار حيلة على الانتفاع بالقرض ليأخذ غلة المبيع ونفعه ثم يرد المقترض القرض ويرد المقرض المبيع بالخيار، فهذا البيع والشرط باطل لأنه من الحيل، قال في الإقناع وشرحه (٣): (وإن شرطه) أي الخيار بائع (حيلة، ليربح فيما أقرضه حرم نصا) لأنه يتوصل به إلى قرض يجر نفعا (ولم يصح البيع لئلا يتخذ ذريعة للربا)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه


(١) ص١٨٤ ج ٣ من إعلام الموقعين.
(٢) نيل الأوطار ص٢٤٦ ج ٥.
(٣) ج ٣ ص١٦٣، وانظر المغني ٣/ ٥٩٢ - ٥٩٣.