للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقام الأول: الاعتذار لأصحاب هذه الدعوى.

حاول ابن رجب رحمه الله تلمس العذر لمن أظهر هذه الدعوى، ومن وجوه الاعتذار التي ذكرها:

الوجه الأول: أن هؤلاء العارفين لهم ملحظان:

أحدهما: أن الله تعالى يستحق لذاته أن يطاع ويحب ويبتغى قربه، والوسيلة إليه، مع قطع النظر عن كونه يثيب عباده، ويعاقبهم.

فنعم الله تعالى على عباده تستوجب منهم شكره عليها، وحياءهم منه، وهذا هو الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم لما قام حتى تورمت قدماه، وقال: «أفلا أكون عبدا شكورا» (١)

والملحظ الثاني: أن أكمل الخوف والرجاء ما تعلق بذات الحق سبحانه، دون ما تعلق بالمخلوقات في الجنة والنار، فأعلى الخوف خوف البعد، والسخط، والحجاب عنه سبحانه، وقد قدم سبحانه ذكر هذا العقاب لأعدائه على صليهم النار في قوله: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ}.

كما أن أعلى الرجاء ما تعلق بذاته سبحانه من رضاه، ورؤيته،


(١) رواه البخاري: كتاب التهجد، باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم الليل ١٨١ رقم ١١٣٠، ومسلم ١٢٢٧ رقم ٢٨١٩.