للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلبس لباسا حسنا، ويأكل أكلا متوسطا بعيدا من التقشف، وهو مع هذا أزهد الناس في الدنيا، وما زاحم على شيء منها قط (١)

ولكن الحذر كله من أن يكون الزهد مجرد مظهر يطلب به الشرف في الدنيا، يقول الحسن البصري رحمه الله: إن قوما جعلوا التواضع في لباسهم، والكبر في قلوبهم، ولبسوا مدارع الصوف، والله لأحدهم أشد كبرا بمدرعته من صاحب السرير بسريره، وصاحب المطرف بمطرفه (٢)

وقد أفاد ابن رجب رحمه الله في معرض شرحه حديث «ما ذئبان جائعان» (٣) أن الحرص على الشرف قسمان (٤)

الأول: طلب الشرف بالولاية والسلطان، والثاني: طلب الشرف والعلو بالأمور الدينية، كالعلم والعمل والزهد.

والثاني أقبح من الأول، وأشد فسادا وخطرا، فإن العلم والعمل والزهد إنما يطلب بها ما عند الله من الدرجات العلى والنعيم المقيم، ويطلب بها ما عند الله من القرب منه والزلفى


(١) ينظر: شرح حديث (من سلك طريقا) ضمن مجموع الرسائل ١/ ٥٣. ') ">
(٢) ينظر: كشف الكربة ضمن مجموع الرسائل ١/ ٣١٠. ') ">
(٣) رواه الإمام أحمد في مسنده ٢٥/ ٦٢ رقم ١٥٧٨٤، وفيه تمام تخريجه.
(٤) ينظر: شرح حديث (ما ذئبان جائعان) ضمن مجموع الرسائل ١/ ٧١. ') ">