للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك الفاء في قوله: (فنهى عن ذلك)، ويستفاد من هذا عدم جواز بيع الرطب بالرطب؛ لأن نقص كل واحد منهما لا يحصل العلم بأنه مثل نقص الآخر، وما كان كذلك فهو مظنة الربا. اهـ.

وقال الخطابي في معالم السنن (١): وذلك أن كل شيء من المطعوم مما له نداوة ولجفافه نهاية فإنه لا يجوز رطبه بيابسه كالعنب والزبيب واللحم النيئ بالقديد ونحوهما، وكذلك على هذا المعنى لا يجوز منه الرطب بالرطب كالعنب بالعنب والرطب بالرطب؛ لأن اعتبار المماثلة إنما يصح فيهما عند أوان الجفاف، وهما إذا تناهى جفافهما كانا مختلفين؛ لأن أحدهما قد يكون أرق رقة وأكثر مائية من الآخر، فالجفاف ينال منه أكثر، وتتفاوت مقاديرهما في الكيل عند المماثلة، إلى أن قال: وقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن بيع الرطب بالتمر غير جائز، وهو قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن، وعن أبي حنيفة (٢) جواز بيع الرطب بالتمر نقدا. اهـ.

وقال ابن رشد في بداية المجتهد (٣): وأما اختلافهم في بيع الربوي الرطب بجنسه من اليابس مع وجود التماثل في القدر والتناجز فإن السبب في ذلك ما روى مالك عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن شراء التمر بالرطب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أينقص الرطب إذا جف؟ فقالوا: نعم، فنهى عن ذلك (٤)» فأخذ به أكثر العلماء، وقال: لا يجوز بيع التمر بالرطب على حال - مالك والشافعي وغيرهما - وقال أبو حنيفة يجوز ذلك، وخالفه في ذلك صاحباه. . وسبب الخلاف معارضة ظاهر حديث عبادة وغيره له، واختلافهم في تصحيحه، وذلك أن حديث عبادة اشترط في الجواز فقط المماثلة والمساواة، وهذا يقتضي بظاهره حال العقد لا حال المآل، فمن غلب ظواهر أحاديث الربويات رد هذا الحديث، ومن جعل هذا الحديث أصلا بنفسه قال: هو أمر زائد ومفسر لأحاديث الربويات. اهـ.

قال صاحب بدائع الصنائع من الحنفية (٥)، ولأبي حنيفة - رحمه الله - الكتاب الكريم


(١) ص٣٣ج ٥ من التهذيب.
(٢) بدائع الصنائع ص١٨٨ ج ٥.
(٣) ص١٣٨ ج ٢.
(٤) سنن الترمذي البيوع (١٢٢٥)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٥٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٦٤)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١٧٩)، موطأ مالك البيوع (١٣١٦).
(٥) ص١٨٨ ج ٥.