للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورزقهم من النعم في الدنيا.

فعبارة الآية فيها إيجاز بليغ جمع القضية وحجتها في كلمات معدودة، فهو إنما استحق العبادة؛ لأنه هو الذي خلق؛ ولأن الحجة فيها غير مدفوعة فإن المعاندين لا حجة لهم فهم {طَاغُونَ} {الْخَرَّاصُونَ} {هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} مأفوكون عن الحق أفكًا لا لحجة، وما داموا كذلك ففي الآية استهجان لحالهم، وتعريض بخروجهم عن الأصل الذي كان يجب أن يكونوا عليه.

وفي هذه الآية سر الأمر كله، وعلة الأمر كله، وحجة الأمر كله، وعليها مدار الأمر كله. قال ابن تيمية رحمه الله بعد أن استعرض ما أورده الله في مجمل سورة الذاريات:" فهذا كله يتضمن أمر الإنس والجن بعبادته وطاعته وطاعة رسله واستحقاق من يفعل العقوبة في الدنيا والآخرة، فإذا قال بعد ذلك: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} كان هذا مناسبًا لما تقدم مؤتلفًا معه: أي هؤلاء الذين أمرتهم إنما خلقتهم لعبادتي ما أريد منهم غير ذلك، لا رزقًا ولا طعامًا"