للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستئناف، ولهذا الاستئناف دلالته، وتركيب عبارة الآية بعضها إلى بعض استثناء من نفي، وهذا التركيب يسمى بـ (القصر) أو (الحصر)، ولهذا القصر دلالته، وفي الآية جمع بعطف الإنس على الجن، ولهذا الجمع دلالته، وفي الآية تعليل في {لِيَعْبُدُونِ} ولهذا التعليل دلالته، فهذه أربعة مطالب.

المطلب الأول: دلالة الاستئناف:

سبق أن ذكرنا أن (الواو) في مفتتح الآية للاستئناف؛ لأنها لو كانت للعطف لم يكن لها دلالة سوى الإشراك في معنى، فالواو العاطفة لا تفيد مع الإشراك دلالة أخرى، والآية لم تسبق بما يشترك معها في معنى لتعطف عليه.

وقول ابن عاشور في تفسير الآية: "الأظهر أن هذا معطوف على جملة {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ} الآية التي هي ناشئة عن قوله {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} إلى {وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} عطف الغرض على الغرض لوجود المناسبة" (١) (٢) فيه نظر، فإن تقدير ما يعنيه ابن عاشور هو: "ما أرسلنا من رسول إلا ليأمر بعبادة الله وحده وما خلقت اخلق إلا لآمرهم بعبادتي" فيكون خلق الخلق مشتركًا مع إرسال الرسل في الغرض وهو عبادة الله وحده ولذلك عطف عليه،


(١) التحرير والتنوير ٢٧/ ٢٤ - ٢٥.
(٢) التحرير والتنوير ٢٧/ ٢٤ - ٢٥. ') ">