ما وجه تخصيص الجن والإنس بالذكر في الآية مع كون جميع الموجودات تشترك معهما في الأمرين، فالجميع خلق الله، والجميع خلق لعبادته فإنه قال:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} وقال: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ} فكون الجميع مسبحين بحمده ساجدين له أي يعبدونه دال على أنهم خلقوا لذلك، فلماذا لم يجمعوا مع الجن والإنس بالذكر؟! فإن كان الجواب: لأن عبادة كل شيء له بالتسخير لا بالتكليف وعبادة الجن والإنس بالتكليف أمرًا ونهيًا؛ ولذلك خصوا بالذكر، فيقال: فما بال الملائكة لم يذكروا وهم خلق مكلف يؤمر وينهى قال الله: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(١) وفي الكتاب: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} والغاية من خلقهم عبادة الله ولذلك قال فيهم: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}
(١) هذا وإن كان في الذين على النار من الملائكة إلا أن جنس الملائكة واحد. ') ">