للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آية الذاريات {إِلا لِيَعْبُدُونِ} أي إلا لآمرهم وأنهاهم على سبيل الابتلاء، وهذا يختص به الجن والإنس؛ ولذلك خُصوا بالذكر وجمع بعضهم إلى بعض لإشراكهم في الحكم.

وقد يرد سؤال هنا، وهو: لماذا ذكر الجن والخطاب إنما هو للمشركين من الإنس؟!، فالجواب: أن إخباره في الآية عن علة الخلق إنما هو تقرير عام يشمل جميع أفراده، لا يختص بالطائفة المخاطبة؛ ولذلك قلنا في المقدمة من هذا البحث: إن هذا إعلان عام وهو موضوع الهدى الذي تكفل الله أن يجعله في الثقلين من حين أهبطهما إلى الأرض، فلما كان هذا تقريرًا عامًا ذكره على وجهه من العموم مشتملاً على جميع أفراده، خاصة وأن الجميع الجن والإنس مخاطبون بالرسالات نفسها، وهذا من دلالة الجمع أيضًا: أن الجن مكلفون برسالات الرسل كهيئة الإنس وإن تنوعت الشرائع.

وتحصل من ذكر الجن فائدة أشار إليها ابن عاشور (١) وهي تنبيه المشركين بأن الجن غير خارجين عن العبودية لله، وجعل ابن عاشور تقديم الجن بالذكر للاهتمام بهذا الخبر الغريب عند المشركين الذين كانوا يعبدون الجن. وهما فائدة تحصل ولكن لا يظهر أن العبارة


(١) انظر التحرير والتنوير ٢٧/ ٢٨. ') ">