للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ركبت لأجلها كما جزم ابن عاشور. وإنما ذكر الجن للعلة التي ذكرناها، وهي كونهم مكلَّفين على وجه الابتلاء، وقدموا للعلة التي ذكرنا سابقًا، وهي أنهم سابقون في الوجود والله أعلم.

المطلب الرابع: دلالة التعليل.

تقدم أن اللام في: {لِيَعْبُدُونِ} لام التعليل، ومعلوم أن إثبات الشيء معللاً آكد في النفس من إثباته مجردًا عن التعليل. وهذا التعليل واقع بعد استثناء، فهو استثناء من الأسباب عند اللغويين (١)

والعلة عندهم هي السبب لا فرق بينهما (٢) والسبب عندهم هو: ما يلزم من وجود الوجود ومن عدمه العدم لذاته. وكونه يلزم من وجوده الوجود لذاته احتراز من الشرطية؛ لأن الشرط لا يلزم من وجوده الوجود، وهذا يدل على معنى جليل في هذه الآية وهو: أن الله تعالى يستحق العبادة لذاته عز وجل، لا لكونه خلق الخلق فقط، فليس خلق الخلق شرطًا لاستحقاقه العبادة من غيره بحيث إنه لو لم يخلق لم يكن مستحقًا للعبادة من غيره لذاته، ولكنه سبب استحقاقها.

وكونه يلزم من عدمه العدم احتراز من المانع لأن المانع؛ لا يلزم من


(١) انظر الاستغناء ٥٨٩ و٦١٠. ') ">
(٢) انظر الكليات ٥٠٤. ') ">