للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدمه شيء، وهذا يدل على معنى جليل في الآية وهو أن عدم حصول العبادة من الخلق لا يمنع أن الله هو المستحق للعبادة.

وكونه يلزم لذاته احتراز من أن يخلفه سبب آخر، فيقوم مقامه؛ لأن الأسباب تتعدد ويخلف بعضها بعضًا، فإذا لزم سبب معين لذاته امتنع أن يكون غيره سببًا.

والأسباب المستثنى منها لم ينطق بها في الآية فهي غير مذكورة وهذا يدل على الاستغراق، ففيه استثناء هذا السبب المذكور من جميع الأسباب عامة على الاستغراق.

وكون المستثنى سببًا والمستثنى منه جميع ما يكون سواه من الأسباب فهو استثناء متصل؛ لأن المستثنى سبب من جنس الأسباب واستثناؤه منها يعود عليها جميعها بالنقض، فهو سبحانه لم يخلق الخلق لحاجته إليهم مثلاً ولا لمغالبة نظير، ولا لأي سبب قد يتوهم. وهذا يشهد لما ذكرناه في دلالة القصر من أن ما ذكر في الآيات من علل الخلق مرتب على هذه العلة ودال عليها.

والعبادة سبب لخلق الخلق من جهتين:

الأولى: من جهة مقتضى الحال، فإن مقتضى الحال أن الخالق مستحق للعبادة، لا يجوز صرفها لغيره، وصرفها لغيره أعظم المنكر على المعنى الصحيح الوارد في حديث ضعيف عن أبي الدرداء قال: