للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعنى المذكور، ولكنه صحح تفسيره بمعنى آخر هو القول الثاني الآتي (١) وقد قال القرطبي في قول ابن عباس هذا: "فالكره ما يُرى فيهم من أثر الصنعة" (٢)

وهذا المعنى وإن كان صحيحًا في نفسه إلا أنه ليس هو مراد الآية لوجوه:

أولاً: أن المخلوقات كلها خاضعة لله متذللة له نافذة فيها قدرته ومشيئته، فليس هذا خاصًا بالجن والإنس، وهما المذكوران دون سواهما، فذكرهما خاصة يدل على عبودية مرادة منهما خاصة دون سواهما، وهي عبودية الطاعة والامتثال للأمر الشرعي والابتلاء فيها.

ثانيًا: ما تقدم من أنه لا يراد بعبادة الله في القرآن "إلا العبادة التي أمرت بها الرسل، وهي عبادته وحده لا شريك له، والمشركون لا يعبدون الله، بل يعبدون الشيطان، وما يدعونه من دون الله، سواء عبدوا الملائكة أو الأنبياء والصالحين أو التماثيل والأصنام المصنوعة، فهؤلاء المشركون قد عبدوا غير الله، كما أخبر الله بذلك فكيف يقال: إن جميع الإنس والجن عبدوا الله؛ لكون قدر الله جاريًا عليهم؟! والفرق ظاهر بين عبادتهم إياه التي تحصل بإرادتهم


(١) انظر الدرء ٨/ ٤٨٠ والفتاوى ٨/ ٤٩. ') ">
(٢) تفسير القرطبي ١٧/ ٥٥. ') ">