للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط، قضاء الله أحق (١)».

إن كلمة (العقد شريعة المتعاقدين) هي كلمة كفر واعتقادها كفر، والعمل بها كفر- تزيغ المسلمين عن معتقدهم الصحيح ثم تقودهم إلى الإلحاد والتعطيل والزيغ عن سواء السبيل فهي تنقض عرى الإسلام عروة عروة، بحيث يكون الناس بها أشر من الجاهلية الأولى، فيستبيحون نكاح الأمهات والبنات بناء على الرضا الواقع بينهم.

وقد ذكرتني هذه القاعدة الطاغية الباغية خصومة بين أخوين شقيقين يرث أحدهما الآخر، فاشتد الخصام بينهما فتواثقا وتكاتبا على أنه لا يرث أحدهما الآخر، فأشعرتهما بحكم الله ورسوله وأن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا يحق لشخص أن يقطع صلة الإرث الذي شرعه الله، فهذا الاتفاق باطل، وكتابته باطلة، ومن مات منهما ورثه أخوه وإن رغم أنفه.

وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له وسماه (التيس المستعار) مع كون هذا النكاح وقع بالتراضي، ومثله نكاح المحارم وذوات الأزواج.

والحق أن يقال: إن الرضا الذي لا يحل حراما ولا يحرم حلالا، أشبه (الشرط) فإن المسلمين على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا، ومثله الصلح - جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا.

ثم إن كتب الفقه الإسلامي من شتى المذاهب لا تغادر صغيرة ولا كبيرة مما عسى أن يقع فيها النزاع بين الناس، وهي مقتبسة من القرآن والسنة {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (٢) فبالغوا في استنباط الأحكام وتصنيفها على حسب اجتهادهم، المصيب له أجران والمخطئ له أجر.

أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمو من اللوم ... أو سدوا المكان الذي سدوا

أولئك قومي إن بنوا أحسنوا البنا ... وإن عاهدوا وفوا وإن عقدوا شدوا

والنبي صلى الله عليه وسلم لعن بائع الخمر ومشتريها وعاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها


(١) صحيح البخاري البيوع (٢١٦٨)، صحيح مسلم العتق (١٥٠٤)، سنن أبو داود العتق (٣٩٢٩)، موطأ مالك العتق والولاء (١٥١٩).
(٢) سورة النساء الآية ٨٣