للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويبطل منها إلا ما دل الشرع على إبطاله وتحريمه بنص صحيح أو قياس صريح قال: وأصول الإمام أحمد المنصوصة عنه تجري على هذا القول ومالك قريب منه - انتهى.

وقد نهج هذا المنهج العلامة ابن القيم رحمه الله قال -في الإعلام الخطأ الرابع-: [فساد اعتقاد من قال: إن عقود المسلمين وشروطهم ومعاملتهم على البطلان حتى يقوم دليل الصحة، فإذا لم يقم عندهم دليل على صحة عقد أو شرط أو معاملة، استصحبوا بطلانه فأفسدوا بذلك عقودا كثيرة من معاملات الناس وشروطهم بلا برهان من الله، بناء على هذا الأصل، وجمهور الفقهاء على خلافه، وإن الأصل في العقود والشروط الصحة حتى يقوم الدليل على البطلان، وهذا القول هو الصحيح فإنه لا حرام إلا ما حرم الله ورسوله، كما أنه لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله ولا دين إلا ما شرعه الله ورسوله] انتهى.

فهذه القوانين الوضعية المخالفة لشرع الله الحكيم يجب أن ترد إلى شرع الله الحكيم، فقد أعطى الله كل ذي حق حقه. وقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (١) يعني المباحة في شرع الله أما القوانين الوضعية فإنه لا قيمة لها في شرع الله الحكيم كما قيل:

لا وافق الحكم المحل ولا هو ... استوفى الشروط فكان ذا بطلان

والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها، تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه» وحدود الله محرماته، والبشر محكومون وليسوا بحاكمين - وإنما سمي المسلم مسلما لاستسلامه لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (٢) {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٣).

والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٤)» وقال: «كل شرط ليس


(١) سورة المائدة الآية ١
(٢) سورة الأحزاب الآية ٣٦
(٣) سورة النور الآية ٥١
(٤) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٨٠).