للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالكتاب وكان فيما أنزل آية الرجم قرأناها ووعيناها فرجم رسول الله الزاني المحصن ورجمنا معه، وإني أخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضل بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم حق على من زنى إذا أحصن إذا كانت البينة أو الحبل أو الاعتراف (١)» - رواه البخاري.

وإن أكبر تأثير وقع بالناس من تهاونهم بهذه الجريمة هو كثرة الابتداء بها، وتعاقب القوانين على عدم العقاب عليها لكون المنكرات متى كثر على القلوب ورودها، وتكرر في العين شهودها، ذهبت عظمتها عن القلوب شيئا فشيئا، إلى أن يراها الناس فلا يرون أنها منكرات، ولا يمر بفكر أحدهم أنها معاص، وذلك بسبب سلب القلوب نور التمييز والإنكار على حد ما قيل: إذا كثر الإمساس قل الإحساس.

فالحكم بالقوانين ونصب القضاة لتنفيذها وروجان كتبها بين الناس، يعود بالضرر وفساد الأخلاق على خاصة الشباب وعامة العباد والبلاد كما قيل:

الدين يشكو بلية ... من فرقة فلسفية

فلا ترى الشرع إلا ... سياسة مدنية

ويؤثرون عليه ... مناهج جدلية

إن هؤلاء الشباب من أبناء المسلمين متى تخرج أحدهم من إحدى المدارس الأجنبية رجع إلى أهله وبلده وأخذ يبث جراثيم تلك التعاليم السيئة التي حملها من المدرسة، حتى يصير فتنة على أهله وأقاربه وسائر من يقاربه، كما قال تعالى في حق الغلام: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} (٢) {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} (٣).

إن عقيدة الإلحاد هي جرثومة الفساد وخراب البلاد وفساد أخلاق العباد، ومتى سطا الإلحاد على قلب أحد هؤلاء الأولاد فإنه يطيش به عن مستواه إلى حالة الفجور والطغيان ومجاوزة الحد في الكفر والكبر والفسوق والعصيان، فيمقت الدين ويهزأ بالمصلين الراكعين الساجدين، حتى كأنه إنما تعلم العلم لمحاربة الدين وأهله من أجل أنه لم ينطبع في قلبه محبته ولم يذق حلاوة حكمته، وإنما كان حظه من العلم محض دراسته حبرا


(١) صحيح البخاري الحدود (٦٨٣٠)، صحيح مسلم الحدود (١٦٩١)، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٢)، سنن أبو داود الحدود (٤٤١٨)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٥٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦)، سنن الدارمي الحدود (٢٣٢٢).
(٢) سورة الكهف الآية ٨٠
(٣) سورة الكهف الآية ٨١