للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستقبل، والحزن على ما سلف من دنياهم، لأنهم يغتبطون بآخرتهم (١) فهذا من كمال النعيم؛ لأن من فاته النعيم بالكلية يتمنى لو عمل لهذا النعيم حتى يناله، ومن فاته كمال النعيم يتمنى لو عمل حتى يتم له هذا النعيم. ولكن الله - عز وجل - نفى الخوف والحزن عنهم لأنهم في كمال النعيم وتمامه، ولا يشعرون بنقص ولا بحزن ولا بخوف حتى ولو كانوا في منازل في الجنة دون المنازل العالية.

فأهل الجنة يرون أنه لا أحد أنعم منهم على اختلاف درجاتهم، بينما أهل النار يرون أنه لا أحد أشقى منهم على اختلاف دركاتهم.

إذا المخلصون في أعمالهم ونفقاتهم لا يحزنون على ما فات ولا يهتمون بما هو آت؛ لأن الذي يحزن على الفائت، لا شك أن ذلك ينقص نعيمه وينغص عليه حياته. كذلك الخائف لا يتم له نعيمه؛ لأنه لا يدري ماذا يحدث له في مستقبل أمره فلا يهنأ له بال. وهؤلاء المخلصون {وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} عند مقدمهم على الله - جل ثناؤه - وفراقهم الدنيا، ولا في أهوال القيامة، أن ينالهم من مكارهها، أو يصيبهم فيها من عقاب الله، {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}


(١) المحرر الوجيز ٢/ ٣١٣. ') ">