الورثة ولا عدم تكليفه بأن كان بعضهم صغيرا أو مجنونا] إلخ. وقال في مطالب أولي النهى الجزء السادس صفحة ١٥١: [الشرط التاسع: كونه في الورثة ذكور مكلفين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يقسم خمسون رجلا منكم وتستحقون دم صاحبكم (١)»] ولأن القسامة يثبت بها قتل العمد فلم تسمع من النساء. إلخ وقال في المقنع وحاشيته الجزء الرابع صفة ٧٤ الشرط الرابع:[أن يكون في المدعين رجال عقلاء ولا مدخل للنساء والصبيان والمجانين في القسامة، عمدا كان القتل أو خطأ]. إلخ هذا هو رأي فقهاء الحنابلة في المسألة.
أما الإمام مالك رحمه الله فيرى أنه في حال قتل العمد لا يحلف إلا العصبة ولا يحلف أقل من رجلين من العصبة ويستوي أن يكون العاصب وارثا أم غير وارث، قال في الجزء السادس من المدونة صفحة ٤١٦ [أرأيت إن لم يكن للمقتول إلا وارث واحد أيحلف هذا الوارث وحده خمسين يمينا ويستحق الدية أو القتيل إن ادعي العمد؟] قال مالك: [أما في الخطأ فإنه يحلف خمسين يمينا ويستحق الدية كلها فأما في العمد فلا يقتل إلا بقسامة رجلين فصاعدا، فإن نكل واحد من ولاة الدم الذين يجوز عفوهم إن عفوا فلا سبيل إلى القتل وإن كانوا أكثر من اثنين، وإن كان ولاة الدم رجلين فنكل أحدهما فلا سبيل إلى الدم] وقال في الصحيفة بعدها [سألت مالكا عن الرجل يقتل وله ولد صغار كيف ترى في أمره أينتظر بالقاتل إلى أن يكبر ولده؟ قال: إذا بطل الدماء ولكن ذلك إلى أولياء المقتول ينظرون في ذلك، فإن أحبوا القتل قتلوا، وإن أرادوا العفو فإنه بلغني عن مالك أن ذلك لا يجوز لهم إلا بالدية ولا يجوز عفوهم بغير دية لأن ولاة الدم هؤلاء الصغار، قال مالك إن كان الكبار اثنين فصاعدا فذلك لهم لأن الصغار منهم ليسوا بمنزلة من نكل عن اليمين وإن استؤني به إلى أن يكبر الصغار بطلت الدماء].
ومن المعلوم أن رأي الإمام أبي حنيفة أنه لا يوجب بعد القسامة إلا الدية في العمد، وغير العمد لأن القسامة جعلت لحقن دماء المدعى عليهم، ويرى الشافعي في القديم جواز القصاص بالقسامة في العمد، لكن رأيه الأخير أنه لا يجب بالقسامة إلا الدية سواء كان الفعل عمدا أو شبه عمد أو خطأ.
ومن هذا يتضح أن الإمامين أبا حنيفة والشافعي في الجديد لا يرون أن القسامة بعد تحقق شروطها لديهم توجب القصاص وإنما توجب الدم فقط.
(١) صحيح البخاري الأحكام (٧١٩٢)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٦٩)، سنن الترمذي الديات (١٤٢٢)، سنن النسائي القسامة (٤٧١٣)، سنن أبو داود الديات (٤٥٢٠)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣)، سنن الدارمي الديات (٢٣٥٣).