للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختلفوا في هذا، وتعددت أقوالهم:

فالقاضي أبو يعلى يقول: (ولا يجوز أن يفعل الله -سبحانه- الشيء لغرض ولا لداع: خلافا للقدرية والبراهمة والثنوية وأهل التناسخ وغيرهم من طوائف البدع.

والدليل عليه: أن الأغراض والعلل لا تجوز إلا على من جازت عليه المضار والمنافع، ويكون محتاجا (١).

وفي المسودة ورد قوله: (. . . قد أطلق غير واحد -من أصحابنا- القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل والحلواني وغيرهم في غير موضع: أن علل الشرع إنما هي أمارات وعلامات نصبها الله أدلة على الأحكام، فهي تجري مجرى الأسماء.

ثم قال: وهذا الكلام ليس بصحيح على الإطلاق، والكلام في حقيقة العلل الشرعية فيه طول: ذكر ابن عقيل وغيره: أنها وإن كانت أمارات فإنها موجبة لمصالح ودافعة لمفاسد وليست من جنس الأمارات العاطلة الساذجة العاطلة عن الإيجاب (٢).

أما (العلل العقلية) - فقد قالوا فيها: القياس العقلي حجة يجب العمل به، ويجب النظر والاستدلال به بعد ورود الشرع.

وبهذا قال جماعة من الفقهاء والمتكلمين، من أهل الإثبات. . . وذهب قوم من أهل الحديث وأهل الظاهر- فيما ذكره ابن عقيل: إلى أن حجج العقول باطلة، والنظر فيها حرام، والتقليد واجب.

وقد نقل عن أحمد الاحتجاج بدلائل العقول (٣).

وأما شيخ الإسلام ابن تيمية - فإنه يجعل القول بالتعليل مظهرا من مظاهر التوحيد الهامة، وذلك أثناء كلامه عن التعليل بأكثر من علة، حيث أشار إلى وجوب تظافر العلل وعدم جواز استقلال علة واحدة بالتأثير، إذ أن الاستقلال بالفعل من خصائص رب العالمين، فيقول رحمه الله: (لا يكون في العالم شيء بالفعل موجود عن بعض الأسباب


(١) انظر المعتمد في أصول الدين: (٢٧٧).
(٢) انظر المسودة (٣٨٥).
(٣) انظر المسودة (٣٦٥).